٥.[... يجوز أن يُطلع الله تعالى بعض أصفيائه على إحدى هذه الخمس، ويرزقه عزَّ وجلَّ العلم بذلك في الجُملة، وعِلْمُها الخاص به جل وعلا، ما كان على وجهه الإحاطة والشمول، لأحوال كل منها وتفصيله على الوجه الأتَّم ].(١)
٦. [ ويُعلم مما ذكرنا وجه الجمع بين الأخبار الدَّالة على استئشار الله - عز وجل - بعلم ذلك، وبين ما يدل على خلافه، كبعض إخباراته - ﷺ - بالمغيَّبات التي هي من هذا القبيل، يعلم ذلك من راجع نحو: الشفا، والمواهب اللدنيَّة، مما ذُكر فيه معجزاته - ﷺ -، وإخباره - ﷺ - بالمغيبات ].(٢)
٧. أما علم الرزق، فهذا لا يُعرف يقيناً أيضاً.
قد يقول قائل : إنَّ أصحاب المرتَّبات [ الرواتب المتكررة ] من أصحاب الأجور يعرفون ما يكسبون، وذلك : لا يزيد ولا ينقص، إلاَّ في النادر، والنادر لا يقام عليه حكم.
نقول : ليس الرزق بهذا الترزيق الإيجابي فقط، [ فمنع ] وقوع : الأذى، والمرض، والضرر.. فكل كذلك نوع [ ترزيق ] بسلب ما يؤدي إلى الإنفاق غير المجدي إيجاباً ـ كأجرة الطبيب، وثمن الدواء ـ، فهل علمت كم دفع عنك الله بسم الله الرحمن الرحيم في هذا اليوم من أذى ؟ وما سيدفع عنك غدا ؟ وبهذا نصل إلى أن الرسول ﷺ، إذا لم يكن يعلم من هذه الخمس شيئاً، لم يقدح ذلك في نبوَّته، والحكمة من حجبها بيَّناه من قبل تفصيلاً.
كما لا يمنع معرفتها إجمالاً من غيره، وهو ما يحدث الآن.
كما لا يُغرينا ما شاع بين الناس أنَّ هذه من المغيَّبات، حيث سمعنا هذا منهم مراراً، وعن طريق التسامع، لا عن طريق التحقيق والتدقيق، المعهودان في البحث الشرعي، فالآن حَصْحص الحق.. والحمد لله رب العالمين، إذ بان التفصيل دون الإجمال والتعميم السائد في كلام الكثير.
********

(١) ١٠٥) الآلوسي – المرجع السابق.
(٢) ١٠٦) الآلوسي – المرجع السابق.


الصفحة التالية
Icon