ولقد منَّ الله عليَّ في السنة ١٩٧٥م، فكنت رئيساً لبعثة الحج العراقية العليا في موسم حج سنة ١٣٩٦ هـ، وشاركت بمؤتمر وزارة الأوقاف السعودية في [ منى ]، وقد عرضت عليهم فكرة ردِّ الشبه – وخاصة فيما يتعلق بالحج – بالردود العقلية الصرفة لا بالنصوص، لكي يتبين للمعاند الحقُّ بالحجج العقلية، وعقلانية تلك الأفعال. واستعرضت لهم نماذج مما يمكن أن يقال، فسُرَّ المؤتمرون، وهم علماء من أنحاء العالم الإسلامي.
وقد تيسر لي بفضل الله - عز وجل - في ذلك العام نفسه، المشاركة في الندوة الفكريَّة السنويّة لرابطة العالم الإسلامي، فاقترحت عليهم أن يكون منتداهم في السنة المقبلة حول :
[ الشخصية الإسلامية وموقعها اليوم بين النظم والعقائد ]
فأُقرِّ هذا وكُلِّفت بالكتابة فيه، فأعددت بحثا لم يشأ الله أن يُلقي بمكة المكرمة، لأنه حَالَ بيني وبين المشاركة حوائل استجدت قبل الحج التالي، فقدِّر الله أن أشارك فيه في مؤتمر :
[ نحو بناء نظرية تربوية إسلامية ]
الذي عُقِد في عمان شهر تموز من سنة ١٩٩٠ م، بدعوة من معهد الفكر الإسلامي في واشنطن، وجمعية الدراسات والبحوث الإسلامية في عمان، ومشاركة جامعتي : مؤتة، واليرموك الأردنيتين.
كما نشرت بعض ما تقدَّم في عددي مجلة الرسالة الإسلامية / ١٠٨ و ١٠٩ / السنة العاشرة / المصادف سنة ١٩٧٧م ـ الموافق لسنة ١٣٩٧هـ.
ولهذا فقد عزمت ـ متكلاَ على الله بسم الله الرحمن الرحيم ـ إصدار هذه السلسة المباركة في هذا الموضوع الحيوي المهم، الذي نجد انعكاساته في أفكارِ كثيرٍ من الشباب، وفي اعتراضات بعض الكهول والشيوخ. فكان منهجي في هذا هو الأسلوب العقلي، إلاَّ ما كان الأمر متعلقاً بمبحثٍ خاص بذات النصوص، ولعل أول السلسلة سيكون من النوع الذي استثنيناه، وما قدَّمناه إلاَّ لضرورة الحاجة، وكثرة وقوع السؤال عنه، مما جعلني أُؤثره بالتقديم، ولعل الخير فيما وقع..