وقد اشتهر في التفسير أن بعض الكفار كانوا يقولون : هو تعلمه من شخص كان بمكة أعجمي. قيل : إنه كان مولى لابن الحضرمي، وإذا كان الكفار جعلوا الذي يعلمه ما نزل به روح القدس بشرًا، والله أبطل ذلك بأن لسان ذلك أعجمي وهذا لسان عربي مبين، علم أن روح القدس نزل باللسان العربي المبين، وأن محمدًا لم يؤلف نظم القرآن بل سمعه من روح القدس، وإذا كان روح القدس نزل به من الله، علم أنه سمعه منه ولم يؤلفه هو، وهذا بيان من الله أن القرآن الذي هو اللسان العربي المبين، سمعه روح القدس من الله ونزل به منه.
ونظير هذه الآية قوله تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ ﴾ إلى قوله :﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [ الأنعام : ١١٢ ]، وكذلك قوله :﴿ أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [ الأنعام : ١١٤ ]، و [ الكتاب ] اسم للقرآن العربي بالضرورة والاتفاق؛ فإن الكلابية أو بعضهم يفرق بين كلام الله وكتاب الله، فيقول : كلامه هو المعنى القائم بالذات وهو غير مخلوق، وكتابه هو المنظوم المؤلف العربي، وهو مخلوق.


الصفحة التالية
Icon