ففرق بين التكليم من وراء حجاب ـ كما كلم موسى ـ وبين التكليم بواسطة الرسول ـ كما كلم الأنبياء بإرسال رسول إليهم ـ والناس يعلمون أن النبي ﷺ إذا تكلم بكلام تكلم به بحروفه ومعانيه بصوته صلى الله عليه وسلم، ثم المبلغون عنه يبلغون كلامه بحركاتهم وأصواتهم، كما قال ﷺ :( نَضَّر الله امرأ سمع منا حديثًا فبَلَّغه كما سمعه )، فالمستمع منه يبلغ حديثه كما سمعه، لكن بصوت نفسه لا بصوت الرسول، فالكلام هو كلام الرسول تكلم به بصوته، والمبلغ بلغ كلام الرسول، لكن بصوت نفسه، وإذا كان هذا معلومًا فيمن يبلغ كلام المخلوق فكلام الخالق أولى بذلك.
ولهذا قال تعالى :﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ﴾ [ التوبة : ٦ ] وقال النبي ﷺ ( زينوا القرآن بأصواتكم )، فجعل الكلام كلام الباري وجعل الصوت الذي يقرأ به العبد صوت القارئ، وأصوات العباد ليست هي عين الصوت الذي ينادى / الله به ويتكلم به، كما نطقت النصوص بذلك، بل ولا مثله؛ فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فليس علمه مثل علم المخلوقين، ولا قدرته مثل قدرتهم، ولا كلامه مثل كلامهم، ولا نداؤه مثل ندائهم، ولا صوته مثل أصواتهم.