وتنازعوا في القرآن هل يقال : إنه حال في المصحف والصدور أم لا يقال ذلك ؟ على قولين. فقيل : هو ظاهر في المحدث ليس بحال فيه. وقيل : بل القرآن حال في الصدور والمصاحف، فهؤلاء الخلقية والحادثية، والاتحادية والاقترانية، أصل قولهم : أن مالا يسبق الحوادث فهو حادث مطلقًا. ومن قال بهذا الأصل. فإنه يلزمه بعض هذه الأقوال أو ما يشبه ذلك، فإن من الناس من يجعله حادثًا، يريد أنه كائن بعد أن لم يكن، ويجعل الحادثات إرادات وتصورات لا حروف وأصوات. والداربي وغيره يميلون إلى هذا القول؛ فإنه إما أن يجعل كلام الله حادثًا أو قديما، وإذا كان حادثًا فإما أن يكون حادثًا في غيره، وإما أن يكون حادثًا في ذاته، وإذا كان قديمًا فإما أن يكون القديم المعنى فقط، أو اللفظ فقط، أو كلاهما، فإذا كان القديم هو المعنى فقط لزم ألا يكون الكلام المقروء كلام الله ـ تعالى ـ ثم الكلام في ذلك المعنى قد عرف.
وأما قدم اللفظ فقط، فهذا لم يقل به أحد، لكن من الناس من يقول : إن الكلام القديم هو اللفظ، وأما معناه فليس هو داخلا في مسمى الكلام، بل هو العلم والإرادة وهما قديمان، لكن ليس ذلك داخلا في مسمى الكلام، فهذا يقول : الكلام القديم هو اللفظ / فقط إما الحروف المؤلفة وإما الحروف والأصوات، لكنه يقول : إن معناه قديم.