وأبو عبد الله بن الخطيب [ هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن التيمي فخر الدين الرازي ويقال له :[ ابن خطيب الري ]، الإمام المفسر، أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل، مولده في الري وإليها نسبته، له تصانيف كثيرة، منها :[ مفاتيح الغيب ] و [ معالم أصول الدين ] وغيرهما الكثير. ولد سنة ٥٤٤هـ، وتوفى سنة ٦٠٦ هـ ]. وأمثاله كانوا أفضل من هؤلاء، وعرفوا أنه لا يمكن الجمع بين هذا وهذا، فلم يقولوا هذا القول المتناقض، ولم يهتدوا إلى مذهب السلف والأئمة، وإن كانوا يذكرون أصوله في مواضع أخر، ويثبتون أن جمهور العقلاء يلتزمونها، فلو تفطنوا لما يقوم بذات الله من كلامه وأفعاله المتعلقة بمشيئته وقدرته ودوام اتصافه بصفة الكمال، خلصوا من هذه المحارات.
ونحن ننبه على بعض الطرق العقلية، التي يعلم بها حدوث كل ما سوى الله ـ تعالى ـ فنقول :
من الطرق التي يعلم بها حدوث كل ما سوى الله هي أن يقال : لو كان فيما سوى الله شيء قديم لكان صادرا عن علة تامة، موجبة بذاتها، مستلزمة لمعلولها، سواء ثبت له مشيئة أو اختيار، أو لم يثبت؛ فإن القديم الأزلي الممكن الذي لا يوجد بنفسه لا يتصور وجوده إن لم يكن له في الأزل مقتض تام يستلزم ثبوته.


الصفحة التالية
Icon