والله ـ تعالى ـ ذكر في سورة النحل إنعامه على عباده، فذكر في أول السورة أصول النعم التي لا يعيش بنو آدم إلا بها، وذكر في أثنائها تمام النعم التي لا يطيب عيشهم إلا بها، فذكر في أولها الرزق الذي لابد لهم منه، وذكر ما يدفع البرد من الكسوة بقوله :﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [ النحل : ٥ ]، ثم في أثناء السورة ذكر لهم المساكن والمنافع التي يسكنونها : مساكن الحاضرة والبادية، ومساكن المسافرين، فقال تعالى :﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾ الآية، ثم ذكر إنعامه بالظلال التي تقيهم الحر والبأس فقال :﴿ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ﴾ إلى قوله :﴿ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴾ [ النحل : ٨١ ].