الحمد لله رب العالمين، هذه الآية حق كما ذكر الله، وليست /إحدى الآيتين معارضة للأخرى بوجه من الوجوه، ولا في واحدة منهما حجة لقول باطل، وإن كان كل من الآيتين قد يحتج بها بعض الناس على قول باطل، وذلك أن قوله :﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ فيه دلالة على أنه يسمع كلام الله من التالي المبلغ، وأن ما يقرؤه المسلمون هو كلام الله، كما في حديث جابر في السنن : أن النبي ﷺ كان يَعْرِض نفسه على الناس في الموقف ويقول :( ألا رَجُلٌ يحملني إلى قومه لأبلِّغَ كلام ربي ؟ فإن قريشًا منعوني أن أبلّغ كلام ربي )، وفي حديث أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أنه لما خرج على المشركين فقرأ عليهم :﴿ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴾ [ الروم : ١ـ ٣ ] قالوا له : هذا كلامك أم كلام صاحبك ؟ فقال : ليس بكلامي ولا بكلام صاحبي، ولكنه كلام الله.