والنبي ﷺ سمعه من جبريل، وهو الذي نزل عليه به، وجبريل سمعه من الله ـ تعالى ـ كما نص على ذلك أحمد وغيره من الأئمة، قال تعالى :﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ٩٧ ]، وقال تعالى :﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ [ الشعراء : ١٩٣ـ ١٩٥ ]، وقال تعالى :﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ َواللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [ النحل : ١٠١، ١٠٢ ] فأخبر ـ سبحانه ـ أنه نزله روح القدس ـ وهو الروح الأمين، وهو جبريل
ـ من الله بالحق، ولم يقل أحد من السلف : إن النبي ﷺ سمعه من الله، وإنما قال ذلك بعض المتأخرين.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [ القيامة : ١٧ـ ١٩ ]،
هو كقوله تعالى :﴿ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ ﴾ [ القصص : ٣ ]، وقوله :﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ [ يوسف : ٣ ] ونحو ذلك مما يكون الرب فعله بملائكته؛ فإن لفظ نحن هو للواحد المطاع الذي له أعوان يطيعونه، فالرب ـ تعالى ـ خلق الملائكة وغيرها، تطيعه الملائكة أعظم مما يطيع المخلوق أعوانه، فهو ـ سبحانه ـ أحق باسم [ نحن ] و [ فعلنا ] ونحو ذلك من كل ما يستعمل.


الصفحة التالية
Icon