وقد ذكر الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرخي في كتابه الذي سماه :[ الفصول في الأصول ] قال : سمعت الإمام أبا منصور محمد بن أحمد يقول : سمعت أبا حامد الإسفرائيني يقول : مذهبي ومذهب الشافعي وفقهاء الأمصار : أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال : مخلوق فهو كافر، والقرآن حمله جبريل مسموعًا من الله، والنبي ﷺ سمعه من جبريل، والصحابة سمعوه من رسول الله ﷺ وهو الذي نتلوه نحن بألسنتنا، وفيما بين الدفتين، وما في صدورنا؛ مسموعًا، ومكتوبًا، ومحفوظًا، وكل حرف منه كالباء والتاء كله كلام الله غير مخلوق، ومن قال : مخلوق فهو كافر، عليه لعائن الله والناس أجمعين.
وقد كان طائفة من أهل الحديث والمنتسبين إلى السنة تنازعوا في اللفظ بالقرآن، هل يقال : إنه مخلوق ؟ ولما حدث الكلام في ذلك أنكرت أئمة السنة كأحمد بن حنبل وغيره أن يقال : لفظي بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، وقالوا : من قال : إنه مخلوق، فهو جهمي، ومن قال : إنه غير مخلوق، فهو مبتدع. وأما صوت العبد فلم يتنازعوا أنه مخلوق؛ فإن المبلغ لكلام غيره بلفظ صاحب الكلام إنما بلغ غيره، كما يقال : روى الحديث بلفظه، وإنما يبلغه بصوت نفسه لا بصوت صاحب الكلام.