قال أهل العلم والسنة : فإذا قالت الجهمية وغيرهم من نفاة الصفات : إن الصفات لا تقوم إلا بجسم، والله ـ تعالى ـ ليس بجسم، قيل لهم : إن أردتم بالجسم ما هو مركب من جواهر فردة أو ما هو مركب من المادة والصورة لم نسلم لكم [ المقدمة الأولى ]، وهي قولكم : إن الصفات لا تقوم إلا بما هو كذلك، قيل لكم : إن الرب ـ تعالى ـ قائم بنفسه، والعباد يرفعون أيديهم إليه في الدعاء، ويقصدونه بقلوبهم، وهو العلي الأعلى ـ سبحانه ـ ويراه المؤمنون بأبصارهم يوم القيامة عيانا، كما يرون القمر ليلة /البدر، فإن قلتم : إن ما هو كذلك فهو جسم وهو محدث، كان هذا بدعة مخالفة للغة والشرع والعقل، وإن قلتم : نحن نسمى ما هو كذلك جسمًا ونقول : إنه مركب، قيل : تسميتكم التي ابتدعتموها هي من الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان.
ومن عمد إلى المعاني المعلومة بالشرع والعقل وسماها بأسماء منكرة لينفر الناس عنها، قيل له : النزاع في المعاني لا في الألفاظ، ولو كانت الألفاظ موافقة للغة، فكيف إذا كانت من ابتداعهم ؟ ومعلوم أن المعاني التي يعلم ثبوتها بالشرع والعقل لا تدفع بمثل هذا النزاع اللفظي الباطل.
وأما قولهم : إن كل ما كان تقوم به الصفات، وترفع الأيدي إليه، ويمكن أن يراه الناس بأبصارهم، فإنه لابد أن يكون مركبًا من الجواهر المفردة أو من المادة والصورة فهذا ممنوع؛ بل هو باطل عند جمهور العقلاء؛ من النظار والفقهاء وغيرهم، كما قد بسط في موضعه.


الصفحة التالية
Icon