و المعتمر بن سليمان أحد الأئمة الأعلام ـ أيضًا ـ وهو دون حماد بن زيد، وقد أدركه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهما، وهو أحد شيوخ الإمام أحمد، وأما حماد بن زيد ففات الإمام أحمد فقال : فاتنى حماد بن زيد فعوضني الله بإسماعيل بن عُلَيَّة، وفاتني مالك بن أنس فعوضني الله سفيان بن عيينة.
وأما يحيى بن سعيد القطان فهو أحد علماء السنة وهو إمام أهل الحديث في معرفة صحته وعلله ورجاله وضبطه، حتى قال أحمد : ما رأيت بعيني مثله، يعني في ذلك الفن، وعنه أخذ ذلك علي بن المديني، وعن علي أخذ ذلك البخاري صاحب الصحيح، وقد ذكر الترمذي أنه لم ير في معرفة علل الحديث مثل محمد بن إسماعيل البخاري.
وهؤلاء العلماء الأئمة أنكروا على من قال : كلام الآدميين ولفظهم غير مخلوق، لما نبغت [ القدرية ] المبتدعة، وزعموا أن أفعال العباد غير مخلوقة لله؛ لا أقوالهم ولا سائر أعمالهم؛ لا خيرها ولا شرها، بل يقولون : هي محدثة، أحدثها العبد، وليست مخلوقة لأحد، أو يقولون : العبد خلقها، كما أنه أحدثها؛ فإنهم قد يتنازعون في إثبات / خلق لغير الله، ومع هذا فلم يكن بين الأمة نزاع في أنها محدثة كائنة بعد أن لم تكن، ولم يقل أحد : إنها قديمة، ولكن [ القدرية ] من المعتزلة وغيرهم اعتقدوا أن الأفعال الاختيارية وما يتولد عنها من أفعال الملائكة والجن والإنس ـ الطاعات والمعاصي ـ لم يخلقها الله، قالوا : لأنه لو خلقها للزم أن يكون العبد مجبورًا، وأن يرتفع التكليف والوعد والوعيد والثواب والعقاب؛ ولأن العبد يعلم أنه هو الذي يحدث أفعاله علما ضروريًا، وعللوا ذلك بأدلة نظرية.
فلما ابتدعوا هذه [ المقالة ] أنكرها أئمة السنة، كما أنكر الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أول هذه البدعة لما نبغت القدرية في أواخر عصر الصحابة، فرد عليهم ابن عمر، وابن عباس، وواثلة بن الأسقع وغيرهم من الصحابة.