وقد يزعمون أن حقيقة العلم بالله تؤخذ من غيرما جاء به الرسول، وأن من الناس من يكون أعلم بالله منه أو أفضل منه، ونحو ذلك من المقالات، وهذا الضرب ما زال موجودًا، لا سيما مع القرامطة الباطنية، من الإسماعيلية والنصيرية والملوك العبيدية، الذين كانوا يدعون الخلافة، ومع الخرمية، والمزدكية، وأمثالهم من الطوائف، وهؤلاء خواصهم أكفر من اليهود والنصارى، ومن الغالية الذين يقولون بإلهية علي ونحوه من البشر أو نبوته، وهم منافقون زنادقة، لكن في كثير من أتباعهم من يظن أنه مؤمن بالكتب والرسل لما لبسوا عليه أصل قولهم، أو وافقهم في قول بعضهم دون بعض، وأكثر هؤلاء يميلون إلي الرافضة، ومنهم / من ينتسب إلي التصوف، ومنهم من ينتسب إلي الكلام، ومنهم من يدخل مع الفقهاء في مذاهبهم.
وهذا الضرب يكثر في الدول الجاهلية البعيدين عن معرفة الإسلام والتزامه، كما كانوا كثيرين في دولة الديلم والعبيديين ونحوهم، وكما يكثرون في دولة الجهال من الترك ونحوهم من الجهال الذين آمنوا بالرسالة من حيث الجملة من غير علم بتفاصيل ما جاء به الرسول؛ لأن الجهال من الترك وغيرهم بهذا الضرب أشبه منهم بغيرهم؛ فإن هؤلاء لا يوجبون اتباع الرسول علي جميع أهل الأرض، لكنهم قد يرون اتباعه أحسن من اتباع غيره فيتبعونه علي سبيل الاستحباب، أو يتبعون بعض ما جاء به، أو لا يتبعونه بحال، وهم في ذلك مقرون له ولأتباعه.