ومن الآخرين من يقول :[ التلاوة ] هي المتلو، ويريد بذلك أن نفس ما تكلم الله به من الحروف والأصوات هو الأصوات المسموعة من القراء، حتى يجعل الصوت المسموع من العبد هو صوت الرب، و هؤلاء يقولون : نفس صوت المخلوق وصفته هي عين صفة الخالق، وهؤلاء [ اتحادية، حلولية في الصفات ] يشبهون النصارى من بعض الوجوه، وهذا لم يقله أحد من أئمة السنة.
ويظن هؤلاء أنهم يوافقون أحمد وإسحاق وغيرهما، ممن ينكر على [ اللفظية ]، وليس الأمر كذلك ؛ فلهذا كان المنصوص عن الإمام أحمد وأئمة السنة والحديث أنه لا يقال : ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، ولا غير / مخلوقة، ولا أن التلاوة هي المتلو مطلقًا، ولا غير المتلو مطلقًا ؛ فإن اسم القول والكلام قد يتناول هذا وهذا؛ ولهذا يجعل الكلام قسيما للعمل ليس قسمًا منه في مثل قوله تعالى :﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [ فاطر : ١٠ ]، وقد يجعل قسما منه كما في قوله :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ الحجر : ٩٢، ٩٣ ]،
قال طائفة من السلف : عن قول لا إله إلا الله، ومنه قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح :( لاحسد إلا في اثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار، فقال رجل : لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه مثل ما يعمل... ) ؛ ولهذا تنازع أصحاب أحمد فيمن حلف : لا يعمل اليوم عملا، هل يحنث بالكلام ؟ على قولين. ذكرهما القاضي أبو يعلى وغيره.


الصفحة التالية
Icon