لكن من الأشياء ما يدل على غيره بقصد منه، ومنها ما يدل على غيره بغير قصد منه للدلالة كالجامدات، فإن فيها مقاصد غير دلالتها على الخالق، ومن الأشياء مالا يقصد به إلا الدلالة، بحيث إذا ذكر ما يقصد بذكره ذكر مدلوله كالاسم مع مسماه، فالمقصود من الاسم هو المسمى؛ فلهذا إذا ذكر الاسم كان المقصود به المسمى، وكذلك [ اللفظ ] مع المعنى الذي هو مدلوله، وكذلك [ الخط ] مع اللفظ، فالمقصود من الخط / إنما هو اللفظ، والمقصود من الحروف المرسومة هو الحروف المنطوقة؛ ولهذا كان لفظ الحرف مقولا عليهما جميعًا. فإذا قيل : الكلام من الكتاب عرف أن المقصود مما في الكتاب هو الكلام دون غيره؛ ولهذا كان لهذا من الاختصاص بالحرمة ما ليس لما يقصد منه الدلالة وغير الدلالة، والله أعلم.