أو تمثل من الأمثال السائرة كقوله :[ عسى الغُوَيْرُ أبْؤُسًا ] [ والغوير : تصغير غار. والأبؤس : جمع بؤس، وهو الشدة وأصل هذا المثل من قول الزَّبَّاء بنت عمرو حين قالت لقومها عند رجوع [ قصير ] من العراق ومعه الرجال، وبات بالغوير على طريقه. والمعنى : لعل الشر يأتيكم من قبل الغار. وهو يضرب للرجل يقال له : لعل الشر جاء من قبلك ]. و [ يداك أوْكَتا، وفُوك نفخ ] [ الوِكاء : رباط القربة الذي يشد به رأسها. وأصل هذا المثل : أن رجلاً كان في جزيرة من جزائر البحر، فأراد أن يعبر على زقّ قد نفخ فيه، حتى إذا توسط البحر خرجت منه الريح فغرق، فلما غشيه الموت استغاث برجل فقال له :[ يداك... ]. وهو يضرب لمن يجنى على نفسه. ] و [ كُلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا ] [ والفَرا : الحمار الوحشي، وجمعه فراء.
وأصل المثل : أن ثلاثة نفر خرجوا متصيدين، فاصطاد أحدهم أرنبا، والآخر ظبيا، والثالث حمارا، فاستبشر صاحب الأرنب وصاحب الظبي بما نالاه، وتطاولا عليه. فقال الثالث :[ كل الصيد... ] أي : هذا الذي رزقت وظفرت به يشتمل على ما عندكما؛ وذلك أنه ليس مما يصيده الناس أعظم من الحمار الوحشي. وهو يضرب لمن يفضل على أقرانه ]. ونحو ذلك. فهذا الكلام هو تكلم به في المعنى الذي أراده، لا على سبيل التبليغ عن غيره، ومع هذا فهو منسوب إلى قائله الأول، فهكذا الحروف الموجودة في كلام الله وإن أدخلها الناس في كلامهم الذي هو كلامهم فأصلها مأخوذ من كلام الله ـ تعالى.
قال الأولون : هنا مقامان :