فأخبر ـ سبحانه ـ عمن مضى ممن كان متمسكا بدين حق من اليهود والنصارى والصابئين، وعن المؤمنين بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، أنه من جمع [ الخصال الثلاث ] التي هي جماع الصلاح، وهي الإيمان بالخلق، والبعث بالمبدأ والمعاد، والإيمان بالله، واليوم الآخر، والعمل الصالح، وهو أداء المأمور به، وترك المنهي عنه، فإن له حصول الثواب وهو أجره عند ربه واندفاع العقاب فلا خوف عليه مما أمامه ولا يحزن على ما وراءه؛ ولذلك قال :﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ إخلاص الدين لله، وهو عبادته وحده لا شريك له، وهو حقيقة قوله :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [ الفاتحة : ٥ ]، وهو محسن.
فالأول : وهو إسلام الوجه هو النية، وهذا الثاني ـ وهو الإحسان ـ هو العمل. وهذا الذي ذكره في هاتين الآيتين هو الإيمان العام، والإسلام العام، الذي أوجبه الله على جميع عباده، من الأولين والآخرين.