وكان القاضي شُرَيْح ينكر قراءة من قرأ :﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾ [ الصافات : ١٢ ]، ويقول : إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النَّخَعِي. فقال : إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد الله أفقه منه، فكان يقول :[ بل عجبتَ ] فهذا قد أنكر قراءة ثابتة، وأنكر صفة دل عليها الكتاب والسنة، واتفقت الأمة على أنه إمام من الأئمة، وكذلك بعض السلف أنكر / بعضهم حروف القرآن، مثل إنكار بعضهم قوله :﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ [ الرعد : ٣١ ]، وقال : إنما هى : أولم يتبين الذين آمنوا، وإنكار الآخر قراءة قوله :﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ [ الإسراء : ٢٣ ]، وقال : إنما هى : ووصى ربك. وبعضهم كان حذف المعوذتين، وآخر يكتب سورة القنوت، وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر، ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا، وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر.
وأيضًا، فإن الكتاب والسنة قد دلا على أن الله لا يعذب أحدًا، إلا بعد إبلاغ الرسالة، فمن لم تبلغه جملة لم يعذبه رأسًا، ومن بلغته جملة دون بعض التفصيل لم يعذبه إلا على إنكار ما قامت عليه الحجة الرسالية.


الصفحة التالية
Icon