وهذا القول ـ أيضًا ـ لم يقله أحد من الصحابة والتابعين، وأئمة المسلمين وأصحابهم، الذين يفتى بقولهم، بل كان الشيخ أبو حامد الأسفرائيني يقول : مذهبي، ومذهب الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسائر علماء الأمصار في القرآن مخالف لهذا القول، وكذلك أبو محمد الجويني ـ والد أبي / المعالي ـ قال : مذهب الشافعي وأصحابه في الكلام ليس هو قول الأشعري، وعامة العقلاء يقولون : إن فساد هذا القول معلوم بالاضطرار، فإنا نعلم أن التوراة إذا عربت لم تكن هي القرآن، ونعلم أن آية الكرسي ليست هي معنى آية الدَّيْن.
والله ـ تعالى ـ قد فرق في كتابه بين تكليمه لموسى وإيحائه إلى غيره، بقوله تعالى :﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ﴾ إلى قوله :﴿ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [ النساء : ١٦٣، ١٦٤ ]، وقال تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [ الشورى : ٥١ ]، ففرق بين التكليم الذي حصل لموسى، وبين الإيحاء المشترك، وموسى سمع كلام الله من الله بلا واسطة، كما قال تعالى :﴿ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
[ طه : ١٣، ١٤ ].


الصفحة التالية
Icon