وممن ثبت ذلك عنه أحمد بن حنبل، وأبو الوليد الجارودي صاحب الشافعي، وإسحاق بن راهويه، والحميدي، ومحمد بن أسلم الطوسي، وهشام بن عمار، وأحمد ابن صالح المصري. ومن أراد الوقوف على نصوص كلامهم فليطالع الكتب المصنفة في السنة، مثل [ الرد على الجهمية ] للإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم، وكتاب [ الشريعة ] للآجُرِّى و [ الإبانة ] لابن بطة، و [ السنة ] للالكائي، و [ السنة ] للطبراني، / وغير ذلك من الكتب الكثيرة، ولم ينسب أحد منهم إلى خلاف ذلك، إلا بعض أهل الغرض نسب البخاري إلى أنه قال ذلك. وقد ثبت عنه بالإسناد المرضي أنه قال : من قال عني أني قلتُ : لفظي بالقرآن مخلوق، فقد كذب. وتراجمه في آخر صحيحه تبين ذلك.
وهنا ثلاثة أشياء :
أحدها : حروف القرآن، التي هي لفظه قبل أن ينزل بها جبريل، وبعد ما نزل بها، فمن قال : إن هذه مخلوقة فقد خالف إجماع السلف، فإنه لم يكن في زمانهم من يقول هذا، إلا الذين قالوا : إن القرآن مخلوق؛ فإن أولئك قالوا بالخلق للألفاظ، ألفاظ القرآن، وأما ما سوى ذلك فهم لا يقرون بثبوته، لا مخلوقًا ولا غير مخلوق، وقد اعترف غير واحد من فحول أهل الكلام بهذا، منهم عبد الكريم الشهرستاني مع خبرته بالملل والنحل؛ فإنه ذكر أن السلف مطلقًا ذهبوا إلى أن حروف القرآن غير مخلوقة، وقال : ظهور القول بحدوث القرآن محدث، وقرر مذهب السلف في كتابه المسمى بـ [ نهاية الكلام ].
الثاني : أفعال العباد، وهي حركاتهم التي تظهر عليها التلاوة، فلا خلاف بين السلف أن أفعال العباد مخلوقة؛ ولهذا قيل : إنه بدع / أكثرهم من قال : لفظي بالقرآن مخلوق؛ لأن ذلك قد يدخل فيه فعله.


الصفحة التالية
Icon