فهذا المنقول عن آدم من نزول حروف الهجاء عليه لم يثبت به نقل. ولم يدل عليه عقل، بل الأظهر في كليهما نفيه، وهو من جنس ما يروونه عن النبي ﷺ من تفسير أ، ب، ت، ث، وتفسير [ أبجد، / هوز، حطي ]، ويروونه عن المسيح أنه قاله لمعلمه في الكتاب، وهذا كله من الأحاديث الواهية بل المكذوبة، ولا يجوز باتفاق أهل العلم بالنقل أن يحتج بشيء من هذه، وإن كان قد ذكرها طائفة من المصنفين في هذا الباب، كالشريف المزيدي، والشيخ أبي الفرج، وابنه عبد الوهاب وغيرهم. وقد يذكر ذلك طائفة من المفسرين والمؤرخين، فهذا كله عند أهل العلم بهذا الباب باطل لا يعتمد عليه في شيء من الدين.
وهذا وإن كان قد ذكره أبو بكر النقاش وغيره من المفسرين، وعن النقاش ونحوه نقله الشريف المزيدي الحراني وغيره، فأجل من ذكر ذلك من المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وقد بين في تفسيره أن كل ما نقل في ذلك عن النبي ﷺ فهو باطل. فذكر في آخر تفسيره اختلاف الناس في تفسير [ أبجد، هوز، حطي ]، وذكر حديثًا رواه من طريق محمد بن زياد الجزري، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية ابن قُرَّة عن أبيه قال : قال رسول الله ﷺ :( تعلموا أباجاد وتفسيرها، ويل لعالم جهل تفسير أبي جاد ) قال : قالوا : يا رسول الله، وما تفسيرها ؟ قال :( أما الألف فآلاء الله وحرف من أسمائه، وأما الباء فبهاء الله، وأما الجيم فجلال الله، وأما الدال فدين / الله، وأما الهاء فالهاوية، وأما الواو فويل لمن سها، وأما الزاي فالزاوية، وأما الحاء فحطوط الخطايا عن المستغفرين بالأسحار ) وذكر تمام الحديث من هذا الجنس.


الصفحة التالية
Icon