وقد نص أئمة الإسلام - أحمد ومن قبله من الأئمة - على ما نطق به الكتاب والسنة من أن الله ينادي بصوت، وأن القرآن كلامه تكلم به بحرف وصوت ليس منه شىء كلامًا لغيره، لا جبريل ولا غيره، وأن العباد يقرؤونه بأصوات أنفسهم وأفعالهم، فالصوت المسموع من العبد / صوت القارئ والكلام كلام البارئ.
وكثير من الخائضين في هذه المسألة لا يميز بين صوت العبد وصوت الرب؛ بل يجعل هذا هو هذا فينفيهما جميعًا أو يثبتهما جميعًا، فإذا نفى الحرف والصوت نفي أن يكون القرآن العربي كلام الله، وأن يكون مناديا لعباده بصوته، وأن يكون القرآن الذي يقرؤه المسلمون هو كلام الله، كما نفى أن يكون صوت العبد صفة لله ـ عز وجل ـ ثم جعل كلام الله المتنوع شيئًا واحدًا لا فرق بين القديم والحادث، هو مصيب في هذا الفرق دون ذاك الثاني الذي فيه نوع من الإلحاد والتعطيل، حيث جعل الكلام المتنوع شيئًا واحدًا لا حقيقة له عند التحقيق.
وإذا أثبت جعل صوت الرب هو صوت العبد، أو سكت عن التمييز بينهما مع قوله : إن الحروف متعاقبة في الوجود مقترنة في الذات قديمة أزلية الأعيان، فجعل عين صفة الرب تحل في العبد أو تتحد بصفته، فقال بنوع من الحلول والاتحاد، يفضي إلى نوع من التعطيل.


الصفحة التالية
Icon