فقد نص أحمد وغيره على أن كلام العباد مخلوق، وهم إنما / يتكلمون بالأسماء والحروف التي يوجد نظيرها في كلام الله ـ تعالى ـ لكن الله ـ تعالى ـ تكلم بها بصوت نفسه وحروف نفسه وذلك غير مخلوق، وصفات الله ـ تعالى ـ لا تماثل صفات العباد؛ فإن الله ـ تعالى ـ ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا صفاته، ولا أفعاله، والصوت الذي ينادي به عباده يوم القيامة، والصوت الذي سمعه منه موسى، ليس كأصوات شيء من المخلوقات، والصوت المسموع هو حروف مؤلفة وتلك لا يماثلها شيء من صفات المخلوقين، كما أن علم الله القائم بذاته ليس مثل علم عباده؛ فإن الله لا يماثل المخلوقين في شيء من الصفات، وهو ـ سبحانه ـ قد علم العباد من علمه ما شاء، كما قال تعالى :﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ] وهم إذا علمهم الله ما علمهم من علمه، فنفس علمه الذي اتصف به ليس مخلوقًا، ونفس العباد وصفاتهم مخلوقة، لكن قد ينظر الناظر إلى مسمى العلم مطلقًا، فلا يقال : إن ذلك العلم مخلوق لاتصاف الرب به، وإن كان ما يتصف به العبد مخلوقًا.
وأصل هذا : أن ما يوصف الله به ويوصف به العباد، يوصف الله به على ما يليق به، ويوصف به العباد بما يليق بهم من ذلك؛ مثل الحياة والعلم والقدرة، والسمع والبصر والكلام؛ فإن الله له حياة وعلم وقدرة، وسمع وبصر وكلام. فكلامه يشتمل على حروف وهو يتكلم بصوت نفسه، والعبد له حياة وعلم وقدرة، وسمع وبصر وكلام، /وكلام العبد يشتمل على حروف وهو يتكلم بصوت نفسه.


الصفحة التالية
Icon