والمقصود هنا أن كثيرًا من الناس المتأخرين لم يعرفوا حقيقة كلام السلف والأئمة، فمنهم من يعظمهم ويقول : إنه متبع لهم، مع أنه مخالف لهم من حيث لا يشعر، ومنهم من يظن أنهم كانوا لا يعرفون أصول الدين ولا تقريرها بالدلائل البرهانية، وذلك لجهله بعلمهم، بل لجهله بما جاء به الرسول من الحق الذي تدل عليه الدلائل العقلية مع السمعية، فلهذا يوجد كثير من المتأخرين يشتركون في أصل فاسد، ثم يفرع كل قوم عليه فروعا فاسدة يلتزمونها، كما صرحوا في تكلم الله ـ تعالى ـ بالقرآن العربي، وبالتوراة العبرية، وما فيهما من حروف الهجاء مؤلفًا أو مفردًا، لما رأوا أن ذلك بلغ بصفات المخلوقين اشتبه بصفات المخلوقين، فلم يهتدوا لموضع / الجمع والفرق، فقال هؤلاء : هذا الذي يقرأ ويسمع مثل كلام المخلوقين فهو مخلوق.


الصفحة التالية
Icon