وهذا الأصل هو مما أنكره الإمام أحمد على ابن كلاب وأصحابه، حتى على الحارث المحاسبي مع جلالة قدر الحارث، وأمر أحمد بهجره وهجر الكلابية، وقال : احذروا من حارث، الآفة كلها من حارث، فمات الحارث وما صلى عليه إلا نفر قليل بسبب تحذير الإمام أحمد عنه، ومع أن فيه من العلم والدين ما هو أفضل من عامة من وافق ابن كلاب على هذا الأصل، وقد قيل : إن الحارث رجع عن ذلك وأقر بأن الله يتكلم بصوت، كما حكى عنه ذلك صاحب [ التعرف لمذهب التصوف ] أبو بكر محمد ابن إسحاق الكلاباذي.
وكثير من المتأخرين من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وافقوا ابن كُلاب على هذا الأصل، كما قد بسط الكلام على ذلك في مواضع أخر.
واختلف كلام ابن عقيل في هذا الأصل، فتارة يقول بقول ابن كُلاب، وتارة يقول بمذهب السلف وأهل الحديث : أن الله تقوم به الأمور الاختيارية، ويقول : إنه قام به أبصار متجددة حين تجدد المرئيات لم تكن قبل ذلك، وقام به علم بأن كل شيء وجد غير العلم الذي كان أولاً أنه سيوجد، كما دل على ذلك عدة آيات في القرآن، كقوله تعالى :﴿ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] وغير ذلك، وكلامه في هذا الأصل وغيره يختلف، تارة يقول بهذا، وتارة يقول بهذا؛ فإن هذه المواضع مواضع / مشكلة كثر فيها غلط الناس؛ لما فيها من الاشتباه والالتباس.


الصفحة التالية
Icon