والنحاة اصطلحوا اصطلاحًا خاصًا، فجعلوا لفظ [ الكلمة ] يراد / به الاسم أو الفعل أو الحرف الذي هو من حروف المعاني؛ لأن سيبويه قال في أول كتابه : الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل. فجعل هذا حرفًا خاصًا، وهو الحرف الذي جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل؛ لأن سيبويه كان حديث العهد بلغة العرب، وقد عرف أنهم يسمون الاسم أو الفعل حرفًا، فقيد كلامه بأن قال : وقسموا الكلام إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل، وأراد سيبويه أن الكلام ينقسم إلى ذلك قسمة الكل إلى أجزائه لا قسمة الكلى إلى جزئياته كما يقول الفقهاء بأن القسمة كما يقسم العقار والمنقول بين الورثة، فيعطى هؤلاء قسم غير قسم هؤلاء، كذلك الكلام هو مؤلف من الأسماء والأفعال وحروف المعاني فهو مقسوم إليها وهذا التقسيم غير تقسيم الجنس إلى أنواعه، كما يقال : الاسم ينقسم إلى معرب ومبني.
وجاء الجزولي [ هو أبو موسى عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت الجزولي المراكشي، من علماء العربية، ولي خطابة مراكش، من كتبه :[ الجزولية ] رسالة في النحو، و [ شرح قصيدة : بانت سعاد ]، ولد سنة ٥٠٤هـ، وتوفي بمراكش سنة ٦٠٧. وغيره، فاعترضوا على النحاة في هذا ولم يفهموا كلامهم، فقالوا : كل جنس قسم إلى أنواعه أو أشخاص أنواعه، فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص وإلا فليست أقسامًا له، وأرادوا بذلك الاعتراض على قول الزجاج : الكلام اسم وفعل وحرف. والذي ذكره الزجاج هو الذي ذكره سيبويه وسائر أئمة النحاة، وأرادوا بذلك القسمة الأولى المعروفة، وهي قسمة الأمور الموجودة إلى أجزائها كما يقسم العقار والمال، ولم يريدوا بذلك قسمة الكليات ـ التي لا توجد كليات / إلا في الذهن ـ كقسمة الحيوان إلى ناطق وبهيم، وقسمة الاسم إلى المعرب والمبنى؛ فإن المقسم هنا هو معنى عقلى كلي لا يكون كليًا إلا في الذهن.


الصفحة التالية
Icon