وقد ذكر عن ابن زيد أنه قال : هدى في قلوبهم يعرفون به الحق من الباطل، ونوعا الفرقان : فرقان الهدى والبيان، والنصر والنجاة هما نوعا الظهور في قوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ [ التوبة : ٣٣، الفتح : ٢٨، الصف : ٩ ]، يظهره بالبيان والحجة والبرهان، ويظهر باليد والعِزّ والسِّنَان [ أي : القوة، انظر : لسان العرب، مادة : سنن ].
وكذلك ( السلطان ) في قوله :﴿ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ﴾ [ الإسراء : ٨٠ ]، فهذا النوع وهو الحجة والعلم، كما في قوله :﴿ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ﴾ [ الروم : ٣٥ ]، وقوله :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ﴾ [ غافر : ٥٦ ]، وقوله :﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴾ [ النجم : ٢٣ ]، وقد فسر [ السلطان ] بسلطان القدرة واليد، وفسر بالحجة والبيان.
فمن الفرقان : ما نَعَتَهُ اللَّه به في قوله :﴿ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [ الأعراف : ١٥٦، ١٥٧ ]، ففرّق بين المعروف والمنكر، أمر بهذا ونهى عن هذا، وبين الطيب والخبيث، أحل هذا وحرم هذا.


الصفحة التالية
Icon