وقد يقال : هذا مثل الذكر والنسيان، فإن اللّه تعالى قال :﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٥٢ ]. وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال :( يقول اللّه تعالى : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هَرْوَلَةً )، فهذا الذكر يختص بمن ذكره، فمن لا يذكره لا يحصل له هذا الذكر، ومن آمن به وأطاعه ذكره برحمته، ومن أعرض عن الذكر الذي أنزله أعرض عنه، كما قال :﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ [ طه : ١٢٤ـ ١٢٦ ]، ومثله قوله :﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [ التوبة : ٦٧ ].
وقد فسروا هذا النسيان بأنه.... [ بياض بالأصل ] وهذا النسيان ضد ذلك الذكر، وفي الصحيح في حديث الكافر يحاسبه قال :( أفظننت أنك ملاقي ؟ ) قال : لا. قال :( فاليوم أنساك كما نسيتني )، فهذا يقتضي أنه لا يذكره كما يذكر أهل طاعته، هو متعلق بمشيئته وقدرته أيضًا، وهو ـ سبحانه ـ قد خلق هذا العبد وعلم ما سيعمله قبل أن يعمله، ولما عمل علم ما عمل ورأى عمله، فهذا النسيان لا يناقض ما علمه ـ سبحانه ـ من حال هذا.