فبين بذلك أن الكلمة الطيبة لها أصل ثابت في قلب المؤمن، ولها فرع عال، وهي ثابتة في قلب ثابت، كما قال :﴿ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ﴾، فالمؤمن عنده يقين وطمأنينة، والإيمان في قلبه ثابت مستقر، وهو في نفسه ثابت على الإيمان مستقر لا يتحول عنه، والكلمة الخبيثة ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ ﴾، استؤصلت واجتثت، كما يقطع الشيء يجتث من فوق الأرض ﴿ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ : لا مكان تستقر فيه ولا استقرار في المكان؛فإن القرار يراد به مكان الاستقرار، كما قال تعالى :﴿ وَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾ [ ابراهيم : ٢٩ ]، وقال :﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا ﴾ [ غافر : ٦٤ ]. ويقال : فلان ما له قرار أي ثبات، وقد فسر القرار في الآية بهذا وهذا، فالمبطل ليس قوله ثابتًا في قلبه، ولا هو ثابت فيه ولا يستقر، كما قال تعالى في المثل الآخر :﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ﴾ [ الرعد : ١٧ ] فإنه وإن اعتقده مدة فإنه عند الحقيقة يخونه، كالذي يشرك باللّه، فعند الحقيقة يضل عنه ما كان يدعو من دون اللّه.


الصفحة التالية
Icon