وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود أن النبي ﷺ قرأ هذه الآية، لما ذكر له بعض اليهود أن اللّه يحمل السموات على أصبع، والأرضين على أصبع، والجبال على أصبع، والشجر والثَّرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع؛ فضحك رسول اللّه ﷺ تعجبًا وتصديقًا لقول الحَبْرِ، وقرأ هذه الآية.
وعن ابن عباس قال : مر يهودي بالنبي ﷺ فقال : يا أبا القاسم، ما تقول إذا وضع اللّه السماء على ذه، والأرض على ذه، والجبال والماء على ذه، وسائر الخلق على ذه ؟ فأنزل اللّه تعالى :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي الضحى عن ابن عباس، وقال : غريب حسن صحيح.
وهذا يقتضى أن عظمته أعظم ما وصف ذلك الحبْر، فإن الذي في الآية أبلغ، كما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :( يقبض اللّه الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول : أنا الملك، أين ملوك الأرض ).
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه ﷺ :( يطوي اللّه السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول : أين الملوك ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ) ورواه مسلم أبسط من هذا، وذكر فيه أنه يأخذ الأرض بيده الأخرى.
وقد روى ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، ثنا عمرو بن رافع، ثنا يعقوب بن عبد اللّه، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال : تكلمت اليهود في صفة الرب ـ تبارك وتعالى ـ فقالوا ما لم يعلموا ولم يروا، فأنزل اللّه على نبيه :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ فجعل صفته التي وصفوه بها شركا.