وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } [ البقرة : ٢١٤ ]، وقال :﴿ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [ هود : ١٢٠ ].
فلفظ [ المثل ] يراد به النظير الذي يقاس عليه ويعتبر به، ويراد به مجموع القياس، قال سبحانه :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ [ يس : ٧٨ ]، أي : لا أحد يحييها وهي رميم. فمثل الخالق بالمخلوق في هذا النفي، فجعل هذا مثل هذا، لا يقدر على إحيائها، سواء نظمه في قياس تمثيل أو قياس شمول، كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن معنى القياسين قياس الشمول وقياس التمثيل واحد ـ والمثل المضروب المذكور في القرآن ـ فإذا قلت : النبيذ مُسْكِر، وكل مسكر حرام، وأقمت الدليل على المقدمة الكبرى بقوله ﷺ :( كل مسكر حرام ) فهو كقوله ﷺ قياسًا على الخمر؛ لأن الخمر إنما حرمت لأجل الإسكار، وهو موجود في النبيذ. فقوله :﴿ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ﴾ [ الحج : ٧٣ ]. جعل ما هو من أصغر المخلوقات مثلاً ونظيرًا يعتبر به؛ فإذا كان أدْوَن خلق اللّه لا يقدرون على خلقه ولا منازعته فلا يقدرون على خَلْق ما سواه، فيعلم بها من عظمة الخالق وأن كل ما يعبدون من دون اللّه في السماء والأرض لا يقدرون على ما هو أصغر مخلوقاته. وقد قيل : إنهم جعلوا آلهتهم مثلاً للّه فاستمعوا لذكرها؛ وهذا لأنهم لم يفقهوا المثل الذي ضربه اللّه، جعلوا المشركين هم الذين ضربوا هذا المثل.


الصفحة التالية
Icon