وحدثني الثقة ـ الذي كان منهم ثم رجع عنهم ـ أن أبغض الناس إليهم محمد بن عبد اللّه ﷺ. قال : وإذا نَهَق الحمار ونَبَح الكلب سجدوا له، وقالوا : هذا هو اللّه، فإنه مظهر من المظاهر. قال : فقلت له : محمد بن عبد اللّه أيضًا مظهر من المظاهر، فاجعلوه كسائر المظاهر، وأنتم تعظمون المظاهر كلها أو اسكتوا عنه، قال : فقالوا لي : محمد نبغضه؛ فإنه أظهر الفرق ودعا إليه، وعاقب من لم يقل به، قال : فتناقضوا في مذهبهم الباطل، وجعلوا الكلب والحمار أفضل من أفضل الخلق، قال لي : وهم يصرحون باللعنة له ولغيره من الأنبياء، ولا ريب أنهم من أعظم الناس عبادة للشيطان وكفرًا بالرحمن.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال :( إذا سمعتم صياح الديكة فَسَلُوا اللّه من فضله؛ فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار ونباح الكلب فتعوذوا باللّه من الشيطان؛ فإنها رأت شيطانًا )، فهم إذا سمعوا نهيق الحمار ونباح الكلب تكون الشياطين قد حضرت، فيكون سجودهم للشياطين.
وكان فيهم شيخ جليل من أعظمهم تحقيقًا- لكن هذا لم يكن من هؤلاء الذين يسبون الأنبياء - وقد صنف كتابًا سماه [ فك الأزرار عن أعناق الأسرار ] ذكر فيه مخاطبة جرت له مع إبليس، وأنه قال له ما معناه : إنكم قد غلبتموني وقهرتموني ونحو هذا، لكن جرت لي قصة تعجبت منها مع شيخ منكم، فإني تجليت له فقلت : أنا اللّه لا إله إلا أنا، فسجد لي، فتعجبت كيف سجد لي. قال هذا الشيخ : فقلت له : ذاك أفضلنا وأعلمنا وأنت لم تعرف قصده، ما رأى في الوجود اثنين وما رأى إلا واحدًا فسجد لذلك الواحد، لا يميز بين إبليس وغيره، فجعل هذا الشيخ - ذاك الذي سجد لإبليس - لا يميز بين الرب وغيره، بل جعل إبليس هو اللّه هو وغيره من الموجودات جعله أفضلهم وأعلمهم.