أحدها : أنه يفنى بعبادة اللّه عن عبادة ما سواه، وبمحبته وطاعته وخشيته ورجائه والتوكل عليه عن محبة ما سواه وطاعته وخشيته ورجائه والتوكل عليه، وهذا هو حقيقة التوحيد الذي بعث اللّه به الرسل، وأنزل به الكتب، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه، فقد فنى من قلبه التأله لغير اللّه، وبقى في قلبه تأله اللّه وحده، وفنى من قلبه حب غير اللّه وخشية غير اللّه والتوكل على غير اللّه، وبقى في قلبه حب اللّه وخشية اللّه والتوكل على اللّه.
وهذا الفناء يجامع البقاء، فيتخلى القلب عن عبادة غير اللّه مع تحلي القلب بعبادة اللّه وحده، كما قال ﷺ لرجل :( قل : أسلمت للّه وتخليت ) وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا اللّه بالنفي مع الإثبات؛ نفي إلهية غيره مع إثبات إلهيته وحده، فإنه ليس في الوجود إله إلا الله، ليس فيه معبود يستحق العبادة إلا اللّه؛ فيجب أن يكون هذا ثابتا في القلب؛ فلا يكون في القلب من يألهه القلب ويعبده إلا اللّه وحده، ويخرج من القلب كل تأله لغير اللّه، ويثبت فيه تأله اللّه وحده؛ إذ كان ليس ثم إله إلا اللّه وحده.