وهذا تصديق قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [ الحج : ٦٢ ]، وقال تعالى :﴿ فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [ يونس : ٢٣ ]، وقال سبحانه :﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ [ القصص : ٨٨ ] قال طائفة من السلف : كل عمل باطل إلاما أريد به وجهه، وقد قال سبحانه :﴿ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [ القصص : ٨٧، ٨٨ ].
و [ الإله ] هو المألوه أي المستحق لأن يُؤْلَه أي يُعْبَد، ولا يستحق أن يؤله ويعبد إلا اللّه وحده، وكل معبود سواه ـ من لدن عرشه إلى قرار أرضه ـ باطل، وفعال بمعنى مفعول مثل لفظ الركاب والحمال؛ بمعنى المركوب والمحمول. وكان الصحابة يرتجزون في حفر الخندق يقولون :
هذا الحمال لا حمال خيبر ** هذا أبر ربنا وأطهر
وإذا قيل : هذا هو الإمام فهو الذي يستحق أن يؤتم به، كما قال تعالى لإبراهيم :﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [ البقرة : ١٢٤] فعهده بالإمامة لا ينال الظالم، فالظالم لا يجوز أن يؤتم به في ظلمه، ولا يركن إليه، كما قال تعالى :﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ [ هود : ١١٣ ] فمن ائتم بمن لا يصلح للإمامة فقد ظلم نفسه، فكيف بمن جعل مع اللّه إلهًا آخر، وعبد من لا يصلح للعبادة، واللّه تعالى :﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾ [ النساء : ٤٨، ١١٦].