والقسم الثاني : أن يجعل ذلك من باب الاعتبار والقياس، لا من باب دلالة اللفظ، فهذا من نوع القياس؛ فالذي تسميه الفقهاء قياسًا هو الذى تسميه الصوفية إشارة، وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل، كانقسام القياس إلى ذلك، فمن سمع قول اللّه تعالى :﴿ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [ الواقعة : ٧٩ ] وقال : إنه اللوح المحفوظ أو المصحف، فقال : كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر، فمعاني القرآن لا يذوقها إلا القلوب الطاهرة، وهي قلوب المتقين، كان هذا معنى صحيحًا واعتبارًا صحيحًا؛ ولهذا يروي هذا عن طائفة من السلف، قال تعالى :﴿ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين ﴾ [ البقرة : ١، ٢ ] وقال :﴿ بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [ آل عمران : ١٣٨ ]، وقال :﴿ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ ﴾ [ المائدة : ١٦ ] وأمثال ذلك.
وكذلك من قال :( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كَلْبٌ ولا جُنُب )، فاعتبر بذلك أن القلب لا يدخله حقائق الإيمان، إذا كان فيه ما ينجسه من الكبر والحسد فقد أصاب، قال تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُم ﴾ [ المائدة : ٤١ ]، وقال تعالى :﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ﴾ [ الأعراف : ١٤٦ ] وأمثال ذلك.
وكتاب [ حقائق التفسير ] لأبي عبد الرحمن السلمي يتضمن ثلاثة أنواع :


الصفحة التالية
Icon