والملاحدة يظهرون موافقة المسلمين ويبطنون خلاف ذلك، وهم شر من المنافقين، فإن المنافقين نوعان : نوع يظهر الإيمان ويبطن الكفر، ولا يَدَّعِي أن الباطن الذي يبطنه من الكفر هو حقيقة الإيمان. والملاحدة تدعي أن ما تبطنه من الكفر هو حقيقة الإيمان، وأن الأنبياء والأولياء هم من جنسهم يبطنون ما يبطنونه مما هو كفر وتعطيل، فهم يجمعون بين إبطان الكفر وبين دعواهم أن ذلك الباطن هو الإيمان عند أهل العرفان، فلا يظهرون للمستجيب لهم أن باطنه طعن في الرسول والمؤمنين، وتكذيب له، بل يجعلون ذلك من كمال الرسول وتمام حاله، وأن الذي فعله هو الغاية في الكمال، وأنه لا يفعله إلا أكمل الرجال من سياسة الناس على السيرة العادلة، وعمارة العالم على الطريقة الفاضلة، وهذا قد يظنه طوائف حقًا باطنًا وظاهرًا، فيؤول أمرهم إلى أن يكون النفاق عندهم هو حقيقة الإيمان، وقد علم بالاضطرار أن النفاق ضد الإيمان.
ولهذا كان أعظم الأبواب التي يدخلون منها باب التشيع والرفض؛ لأن الرافضة هم أجهل الطوائف وأكذبها، وأبعدها عن معرفة المنقول والمعقول، وهم يجعلون التُّقْيَة من أصول دينهم، ويكذبون على أهل البيت كذبًا لا يحصيه إلا اللّه، حتى يرووا عن جعفر الصادق أنه قال : التقية ديني ودين آبائي. و [ التقية ] هي شعار النفاق، فإن حقيقتها عندهم : أن يقولوا بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم وهذا حقيقة النفاق.