والأسماء المشتركة في اللفظ هي من المتشابه، وبعض المتواطئة أيضًا من المتشابه، ويسميها أهل التفسير [ الوجوه والنظائر ]، وصنفوا كتب [ الوجوه والنظائر ]، فالوجوه في الأسماء المشتركة، والنظائر في الأسماء المتواطئة. وقد ظن بعض أصحابنا المصنفين في ذلك أن الوجوه والنظائر جميعًا في الأسماء المشتركة. فهي نظائر باعتبار اللفظ، ووجوه باعتبار المعنى، وليس الأمر على ما قاله، بل كلامهم صريح فيما قلناه لمن تأمله.
والذين في قلوبهم زيغ يدعون المحكم الذي لا اشتباه فيه مثل ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [ البقرة : ١٦٣ ]. ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾ [ طه : ١٤ ]، ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ﴾ [ المؤمنون : ٩١ ]، ﴿ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾ [ الفرقان : ٢ ]، ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [ الإخلاص : ٣، ٤ ]. ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة ليفتنوا به الناس إذا وضعوه على غير مواضعه، وابتغاء تأويله وهو الحقيقة التي أخبر عنها.
وذلك أن الكلام نوعان : إنشاء فيه الأمر، وإخبار، فتأويل الأمر هو نفس الفعل المأمور به، كما قال من قال من السلف : إن السنة هي تأويل الأمر. قالت عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ : كان رسول اللّه ﷺ يقول في ركوعه وسجوده :( سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي ) يتأول القرآن، تعنى قوله :﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [ النصر : ٣ ].
وأما الإخبار فتأويله عين الأمر المخبر به إذا وقع، ليس تأويله فهم معناه.


الصفحة التالية
Icon