فتأويل الكلام ما أوله إليه المتكلم، أو ما يؤول إليه الكلام، أو ما تأوله المتكلم؛ فإن التفعيل يجري على غير فعل، كقوله :﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾ [ المزمل : ٨ ] فيجوز أن يقال : تأول الكلام إلى هذا المعنى تأويلا، وتأولت الكلام تأويلا، وأولت الكلام تأويلا. والمصدر واقع موقع الصفة، إذ قد يحصل المصدر صفة بمعنى الفاعل، كعدل وصوم وفطر، وبمعنى المفعول كدرهم ضرب الأمير وهذا خلق اللّه.
فالتأويل : هو ما أول إليه الكلام أو يؤول إليه، أو تأول هو إليه. والكلام إنما يرجع ويعود ويستقر ويؤول ويؤوَّل إلى حقيقته التي هي عين المقصود به، كما قال بعض السلف في قوله :﴿ لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ ﴾ [ الأنعام : ٦٧ ] قال : حقيقة؛ فإنه إن كان خبرًا فإلى الحقيقة المخبر بها يؤول ويرجع، وإلا لم تكن له حقيقة ولا مآل ولا مرجع، بل كان كذبًا، وإن كان طلبًا فإلى الحقيقة المطلوبة يؤول ويرجع، وإن لم يكن مقصوده موجودًا ولا حاصلاً، ومتى كان الخبر وعدًا أو وعيدًا فإلى الحقيقة المطلوبة المنتظرة يؤول، كما روى عن النبي ﷺ أنه تلا هذه الآية :﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾ [ الأنعام : ٦٥ ] قال : إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد. وعن عبد اللّه قال : خمس قد مضين : البطشة واللزام والدخان والقمر والروم.


الصفحة التالية
Icon