وأيضًا، فإن من قال هذا من أصحابنا وغيرهم من أهل السنة، يقرون بأن اللّه فوق العرش حقيقة، وأن ذاته فوق ذات العرش، لا ينكرون معنى الاستواء، ولا يرون هذا من المتشابه الذي لا يعلم معناه بالكلية.
ثم السلف متفقون على تفسيره بما هو مذهب أهل السنة. قال بعضهم : ارتفع على العرش، علا على العرش. وقال بعضهم عبارات أخرى، وهذه ثابتة عن السلف، قد ذكر البخاري في صحيحه بعضها في آخر كتاب :[ الرد على الجهمية ]. وأما التأويلات المحرفة؛ مثل استولى وغير ذلك، فهي من التأويلات المبتدعة لما ظهرت الجهمية.
وأيضًا، قد ثبت أن اتباع المتشابه ليس في خصوص الصفات، بل في صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال لعائشة :( يا عائشة، إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سَمَّي اللّهُ فاحذريهم ). وهذا عام. وقصة صبيغ بن عَسْل مع عمر بن الخطاب من أشهر القضايا، فإنه بلغه أنه يسأل عن متشابه القرآن، حتى رآه عمر، فسأل عمر عن ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴾ [ الذاريات : ١ ]، فقال : ما اسمك ؟ قال : عبد اللّه صبيغ، فقال : وأنا عبد اللّه عمر، وضربه الضرب الشديد، وكان ابن عباس إذا ألح عليه رجل في مسألة من هذا الجنس يقول : ما أحوجك أن يصنع بك كما صنع عمر بصبيغ.