فصل


وهو ـ سبحانه وتعالى ـ لما أقسم بـ [ الصافات ] و [ الذاريات ] و [ المرسلات ] ذكر المقسم عليه. فقال تعالى :﴿ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴾ [ الصافات : ٤ ]، وقال تعالى :﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ [ الذاريات : ٥، ٦ ]، وقال تعالى :﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ [ المرسلات : ٧ ]. ولم يذكره في النازعات؛ فإن الصافات هي الملائكة، وهو لم يقسم على وجودها، كما لم يقسم على وجود نفسه؛ إذ كانت الأمم معترفة بالصافات، وكانت معرفته ظاهرة عندهم لا يحتاج إلى إقسام، بخلاف التوحيد، فإنه كما قال تعالى :﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴾ [ يوسف : ١٠٦ ]. وكذلك الملائكة يقر بها عامة الأمم، كما ذكر اللّه عن قوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، مع شركهم وتكذيبهم بالرسل، أنهم كانوا يعرفون الملائكة. قال قوم نوح :﴿ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً ﴾ [ المؤمنون : ٢٤ ]، وقال :﴿ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً ﴾ [ فصلت : ١٣، ١٤ ]، وقال فرعون :﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾ [ الزخرف : ٥٢، ٥٣ ].


الصفحة التالية
Icon