وأما ﴿ النازعات غرقا ﴾ فهي الملائكة القابضة للأرواح، وهذا يتضمن الجزاء، وهو من أعظم المقسم عليه، قال تعالى :﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [ السجدة : ١١ ]، وقال تعالى :﴿ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ ﴾ [ الأنعام : ٦١، ٦٢ ].... [ سقط بالأصل ] هو، ولا يعين على عبادته إلا هو، وهذا يقين يعطي الاستعانة والتوكل، وهو يقين بالقدر الذي لم يقع؛ فإن الاستعانة والتوكل إنما يتعلق بالمستقبل.
فأما ما وقع فإنما فيه الصبر والتسليم والرضى، كما في حديث عمار بن ياسر ـ رضي اللّه عنه ـ مرفوعًا إلى النبي ﷺ :( أسألك الرضا بعد القضاء )، وقول :( لا حول ولا قوة إلا باللّه ) يوجب الإعانة؛ ولهذا سنها النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قال المؤذن :( حي على الصلاة. فيقول المجيب : لا حول ولا قوة إلا باللّه، فإذا قال : حي على الفلاح. قال المجيب : لا حول ولا قوة إلا باللّه ).
وقال المؤمن لصاحبه :﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [ الكهف : ٣٩ ]، ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شىء. فقوله : ما شاء اللّه، تقديره : ما شاء اللّه كان، فلا يأمن، بل يؤمن بالقدر، ويقول : لا قوة إلا باللّه. وفي حديث أبي موسى الأشعري ـ رضي اللّه عنه ـ المتفق عليه، أن النبي ﷺ قال :( هي كنز من كنوز الجنة )، و [ الكنز ] مال مجتمع لا يحتاج إلى جمع؛ وذلك أنها تتضمن التوكل والافتقار إلى الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon