فقال بعضهم : هو القرآن، أي اتباعه؛ لقول النبي ﷺ في حديث علي الذي رواه الترمذي، ورواه أبو نعيم من طرق متعددة :( هو حبل اللّه المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم ). وقال بعضهم : هو الإسلام؛ لقوله ﷺ ـ في حديث النواس ابن سمعان الذي رواه الترمذي وغيره ـ :( ضرب اللّه مثلا صراطًا مستقيمًا، وعلى جنبتي الصراط سُورَان، وفي السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداع يدعو من فوق الصراط، وداع يدعو على رأس الصراط )، قال :( فالصراط المستقيم هو الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم اللّه، والداعي على رأس الصراط كتاب اللّه، والداعي فوق الصراط واعظ اللّه في قلب كل مؤمن )، فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن، ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ ( صراط ) يشعر بوصف ثالث، وكذلك قول من قال : هو السنة والجماعة. وقول من قال : هو طريق العبودية. وقول من قال : هو طاعة اللّه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأمثال ذلك، فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها.
الصنف الثاني : أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع ـ لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه، مثل سائل أعجمي سأل عن مسمى [ لفظ الخبز ] فأرى رغيفًا، وقيل له : هذا، فالإشارة إلى نوع هذا لا إلى هذا الرغيف وحده ـ مثال ذلك : ما نقل في قوله :﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ﴾ [ فاطر : ٣٢ ]