ولهذا إنما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة، مثل حديث اشتراء النبي ﷺ البعير من جابر؛ فإن من تأمل طرقه علم قطعًا أن الحديث صحيح، وإن كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن. وقد بين ذلك البخاري في صحيحه، فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي ﷺ قاله؛ لأن غالبه من هذا النحو؛ ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق، والأمة لا تجتمع على خطأ، فلو كان الحديث كذبًا في نفس الأمر، والأمة مصدقة له قابلة له، لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب، وهذا إجماع على الخطأ وذلك ممتنع، وإن كنا نحن ـ بدون الإجماع ـ نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر، فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطن، بخلاف ما اعتقدناه، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطنًا وظاهرًا.