ومما يقارب هذا من بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله :﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ [ آل عمران : ١٧ ] أن الصابرين رسول اللّه، والصادقين أبو بكر، والقانتين عمر، والمنفقين عثمان، والمستغفرين علي، وفي مثل قوله :﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ أبو بكر ﴿ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ ﴾ عمر ﴿ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ﴾ عثمان ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] علي.
وأعجب من ذلك قول بعضهم ﴿ وَالتِّينِ ﴾ أبو بكر ﴿ وَالزَّيْتُونِ ﴾ عمر ﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾ عثمان ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [ التين : ١-٣ ] علي، وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال، فإن هذه الألفاظ لا تدل على هؤلاء الأشخاص، وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ﴾ كل ذلك نعت للذين معه، وهي التي يسميها النحاة خبرًا بعد خبر. و ( المقصود هنا ) أنها كلها صفات لموصوف واحد وهم الذين معه، ولا يجوز أن يكون كل منها مرادًا به شخص واحد، وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصرًا في شخص واحد كقوله : إن قوله :﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ أريد بها على وحده، وقول بعضهم : إن قوله :﴿ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ [ الزمر : ٣٣ ] أريد بها أبو بكر وحده، وقوله :﴿ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ﴾ [ الحديد : ١٠ ] أريد بها أبو بكر وحده ونحو ذلك.