أحدهما : ليس فيه تضاد وتناقض، بل يمكن أن يكون كل منهما حقًا، وإنما هو اختلاف تنوع أو اختلاف في الصفات أو العبارات، وعامة الاختلاف الثابت عن مفسري السلف من الصحابة والتابعين هو من هذا الباب؛ فإن اللّه ـ سبحانه ـ إذا ذكر في القرآن اسمًا مثل قوله :﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ [ الفاتحة : ٦ ] فكل من المفسرين يعبر عن الصراط المستقيم بعبارة يدل بها على بعض صفاته، وكل ذلك حق، بمنزلة ما يسمى اللّه ورسوله وكتابه بأسماء، كل اسم منها يدل على صفة من صفاته، فيقول بعضهم :﴿ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ كتاب اللّه أو اتباع كتاب اللّه، ويقول الآخر :﴿ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ هو الإسلام أو دين الإسلام، ويقول الآخر :﴿ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ هو السنة والجماعة، ويقول الآخر :﴿ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ طريق العبودية، أو طريق الخوف والرجا والحب، وامتثال المأمور واجتناب المحظور، أو متابعة الكتاب والسنة، أو العمل بطاعة اللّه أو نحو هذه الأسماء والعبارات.
ومعلوم أن المسمى هو واحد وإن تنوعت صفاته وتعددت أسماؤه وعباراته، كما إذا قيل : محمد هو أحمد، وهو الحاشر، وهو الماحي، وهو العاقب، و هو خاتم المرسلين، وهو نبي الرحمة، وهو نبي الملحمة.
وكذلك إذا قيل : القرآن هو الفرقان، والنور، والشفاء، والذكر الحكيم، والكتاب الذي أحكمت آياته ثم فُصِّلَت.


الصفحة التالية
Icon