وهذا كما إذا سئلوا عن قوله :﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ﴾ [ فاطر : ٣٢ ] أو عن قوله :﴿ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾ [ النحل : ١٢٨ ] أو عن [ الصالحين ] أو [ الظالمين ] ونحو ذلك من الأسماء العامة الجامعة، التي قد يتعسر أو يتعذر على المستمع أو المتكلم ضبط مجموع معناه؛ إذ لا يكون محتاجًا إلى ذلك، فيذكر له من أنواعه وأشخاصه ما يحصل به غرضه، وقد يستدل به على نظائره.
فإن الظالم لنفسه : هو تارك المأمور فاعل المحظور. والمقتصد : هو فاعل الواجب وتارك المحرم. والسابق : هو فاعل الواجب والمستحب، وتارك المحرم والمكروه.
فيقول المجيب بحسب حاجة السائل : الظالم : الذي يفوت الصلاة والذي لا يُسبِغُ الوضوء، أو الذي لا يتم الأركان ونحو ذلك. والمقتصد : الذي يصلي في الوقت كما أمر. والسابق بالخيرات : الذي يصلي الصلاة بواجباتها ومستحباتها، ويأتي بالنوافل المستحبة معها، وكذلك يقول مثل هذا في الزكاة، والصوم، والحج، وسائر الواجبات.
وقد روى عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما ـ أنه قال : التفسير على أربعة أوجه : تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا اللّه، فمن ادَّعى علمه فهو كاذب.
والصحابة أخذوا عن الرسول لفظ القرآن ومعناه، كما أخذوا عنه السُّنَّة، وإن كان من الناس من غيََّر السنة فمن الناس من غَيَّر بعض معاني القرآن؛ إذ لم يتمكن من تغيير لفظه.
وأيضًا، فقد يخفى على بعض العلماء بعض معاني القرآن، كما خفى عليه بعض السنة؛ فيقع خطأ المجتهدين من هذا الباب، واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon