وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر، لكن كلا المعنيين حق، وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض، وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي ﷺ في هذا حديث :( أنزل القرآن على سبعة أحرف، إن قلت : غفورًا رحيمًا، أو قلت : عزيزًا حكيمًا فاللّه كذلك، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة ). وهذا كما في القراءات المشهورة [ ربنا بَاعَد ] و ﴿ بَاعِدْ ﴾ [ سبأ : ١٩ ]، ﴿ إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ] و ( إلا أن يُخافا ألا يقيما )، ﴿ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ ـ و [ ليزول ] [ إبراهيم : ٤٦ ]، و ﴿ بَلْ عَجِبْتَ ﴾ و ( بل عجبتُ ) [ الصافات : ١٢ ] ونحو ذلك.
ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقًا من وجه متباينا من وجه، كقوله :﴿ يخدعون ﴾ و ﴿ يُخَادِعُونَ ﴾ [ البقرة : ٩ ] و ( يكذبون ) و ﴿ يكذبون ﴾ [ المطففين : ١١ ] و ( لَمَسْتُم ) و ﴿ لامستم ﴾ [ النساء : ٤٣، المائدة : ٦٠ ] و ﴿ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ ﴾ و ( يطَّهَّرن ) [ البقرة : ٢٢٢ ] ونحو ذلك فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها، واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملاً، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى؛ ظنًا أن ذلك تعارض، بل كما قال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه : من كفر بحرف منه فقد كفر به كله.