ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة، ولكن من لم يكن عالما بها أو لم تثبت عنده، كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره، ولم يتصل به بعض هذه القراءات، فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه؛ فإنالقراءة - كما قال زيد بن ثابت- سنة يأخذها الآخر عن الأول، كما أن ما ثبت عن النبي ﷺ من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك كله حسن يشرع العمل به لمن علمه، وأما من علم نوعًا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه إلى ما لم يعلمه، وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك، ولا أن يخالفه، كما قال النبي ﷺ :( لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا ).
وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني مثل قراءة ابن مسعود، وأبي الدرداء ـ رضي اللّه عنهما ـ :( والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى ) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين، ومثل قراءة عبد اللّه :( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) وكقراءته :( إن كانت إلاَّ زَقْيَة [ أي : صيحة. انظر : القاموس، مادة : زقا ] واحدة ) ونحو ذلك - فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة ؟ على قولين للعلماء، هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد، وروايتان عن مالك.
إحداهما : يجوز ذلك؛لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤون بهذه الحروف في الصلاة.