أما هذا النقل عن مالك في تكفير من فعل ذلك فهو كذب على مالك، سواء أريد به رسم الخط أو رسم اللفظ؛ فإن مالكًا كان يقول عن أهل الشوري : إن لكل منهم مصحفًا يخالف رسم مصحف عثمان، وهم أجل من أن يقال فيهم مثل هذا الكلام، وهم علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف مع عثمان.
وأيضًا، فلو قرأ رجل بحرف من حروفهم التي تخرج عن مصحف عثماني ففيه روايتان عن مالك وأحمد، وأكثر العلماء يحتجون بما ثبت من ذلك عنهم، فكيف يكفر فاعل ذلك ؟ !
وأما اتباع رسم الخط بحيث يكتبه بالكوفي فلا يجب عند أحد من المسلمين، وكذلك اتباعه فيما كتبه بالواو والألف هو حسن لفظ رسم خط الصحابة.
وأما تكفير من كتب ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده فلا أعلم أحدًا قال بتكفير من فعل ذلك، لكن متابعة خطهم أحسن، هكذا نقل عن مالك وغيره، واللّه أعلم.
وَسُئِلَ عن قوم يقرؤون القرآن ويلحنون فيه، فأنكر عليهم منكر، فقال قائل منهم : كل لحنة بعشر حسنات ؟ !
فأجاب :
الحمد للّه. إذا قدروا على تصحيح صححوا، وإن عجزوا عن ذلك فلا بأس بذلك حسب استطاعتهم.
وَسُئِلَ عن رجل يتلو القرآن مخافة النسيان، ورجاء الثواب، فهل يؤجر على قراءته للدراسة ومخافة النسيان أم لا ؟ وقد ذكر رجل ممن ينسب إلى العلم أن القارئ إذا قرأ للدراسة مخافة النسيان أنه لا يؤجر، فهل قوله صحيح أم لا ؟
فأجاب :
بل إذا قرأ القرآن للّه تعالى فإنه يثاب على ذلك بكل حال، ولو قصد بقراءته أنه يقرؤه لئلا ينساه، فإن نسيان القرآن من الذنوب، فإذا قصد بالقرآن أداء الواجب عليه من دوام حفظه للقرآن، واجتناب ما نهى عنه من إهماله حتى ينساه، فقد قصد طاعة اللّه، فكيف لا يثاب ؟