وقد جاء مأثوراً عن الحسن البصري ـ رواه ابن ماجه وغيره ـ أن اللّه أنزل مائة كتاب وأربعة كتب، جمع علمها فى الأربعة، وجمع علم الأربعة فى القرآن، وجمع علم القرآن فى المفصَّل، وجمع علم المفصل فى أم القرآن، وجمع علم أم القرآن فى هاتين الكلمتين الجامعتين :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [ الفاتحة : ٥ ] وإن علم الكتب المنزلة من السماء اجتمع فى هاتين الكلمتين الجامعتين.
ولهذا ثبت في الحديث الصحيح حديث : إن اللّه تعالى يقول :( قسمت الصلاة بينى وبين عبدي نصفين، نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال :﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ قال اللّه : حمدني عبدي، وإذا قال :﴿ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ قال اللّه : أثْنَى علي عبدي، وإذا قال :﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ قال اللّه عز وجل : مَجَّدَنى عبدي - وفى رواية : فَوَّض إلى عبدى - وإذا قال :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ قال : فهذه الآية بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال :﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ قال : هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل ).
فقد ثبت بهذا النص أن هذه السورة منقسمة بين اللّه وبين عبده وأن هاتين الكلمتين مقتسم السورة، فـ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ مع ما قبله للّه، و ﴿ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ مع ما بعده للعبد وله ما سأل؛ ولهذا قال من قال من السلف : نصفها ثناء ونصفها مسألة، وكل واحد من العبادة والاستعانة دعاء.


الصفحة التالية
Icon